ما الذي يحرك القصة؟ الحبكة أم الشخصيات؟
تاريخ التحديث: ٢٣ يوليو ٢٠٢١
في الحقيقة لن تجد قصة تعتمد كليًا على الشخصية لتحريك القصة أو قصة تعتمد كليًا على الحبكة لتحرك الشخصية. دائمًا ما تُستخدم نسب مختلفة منهما لإتمام القصة.
اعتدنا القول أن الكلاسيكيات تعتمد بشكل أساسي على الشخصيات لتحريك القصة، وأن الروايات الحديثة تعتمد بشكل أساسي على الحبكة، ولكن الأمور متداخلة ولا توجد قاعدة ثابتة يمكن تعميمها.

ما الذي يحرك القصة؟ الحبكة أم الشخصيات؟
في البداية دعونا نعرف كلًا منهما:
القصة التي تعتمد على الحبكة: هي القصة التي تستخدم الحدث والفعل للإنتقال من نقطة إلى أخرى. تكون الشخصية مجرد أداة تصلنا بالحبكة المعدة مسبقًا وليست العنصر الأساسي في الرواية.
مثال: الروايات البوليسية حيث تحدث الجريمة ويأتي المحقق لكشف إلتباسات الجريمة، المحقق هنا وبقية الشخصيات مجرد أدوات لتوصيل النقاط وأخذ القارئ من لحظة حدوث الجريمة مرورًا بالأدلة والاستنتاجات حتى نصل لحل اللغز في النهاية واكتشاف المجرم.
وإن استبدلت المحقق بمحقق آخر فلن تتبدل القصة لأن ما يسير القصة ويوصلنا من نقطة أ إلى نقطة ي هو الحبكة.
أما القصة التي تعتمد على الشخصيات: فتكون الشخصية هي المحرك الأساسي للقصة. لا توجد حبكة معينة ولكن تطور الشخصية وتفكيرها وأفعالها هو ما يُركز عليه ويُروى أكثر شيء. قد ينعدم وجود الحبكة تمامًا وتشعر أن القصة مجرد شريحة من حياة الشخصية ولا نقطة إنتهاء أو هدف ختامي نصل إليه. باختصار نظرة إلى العالم الداخلي للشخصية دون التركيز على العالم الخارجي.
مثال: الروايات الكلاسيكية كما ذكرنا سابقًا. تركز الروايات الكلاسيكية على تطور الشخصيات والمشاعر والبصيرة الداخلية. لا تحتوي على الإثارة والإيقاع السريع، ولكنها قصص تتناول البشر بمخاوفهم، ومشاعرهم، ومشاكلهم الداخلية أكثر من القصص التي تعتمد على الحبكة.
للمزيد من الأمثلة اطلع على مدونة (مقترحات لروايات تعتمد على الحبكة وأخرى تعتمد على الشخصية لتحريك الأحداث)
لذا إجابة على السؤال الأساسي، ما الذي يحرك القصة؟
كلاهما يحرك القصة بنسب وطرق مختلفة. قد يفضل البعض نوعًا عن الآخر ولكن كلاهما يبقى خيارًا جيدًا لرواية القصة وتحريك الأحداث.
عادة ما تكون الحبكة معدة مسبقًا ويعرف الكاتب إلى أين يقود الشخصيات، ولكن الروايات التي تعتمد على الشخصيات تبدأ عادة من مكان وتُكتشف الأمور مع الوقت. الأمر أشبه باختراع شخصية ووضعها في عالم ومن ثم مشاهدة ما تفعله ومتابعتها لنرى إلى أين توصلنا أفكارها وتصرفاتها.
مثال عملي يوضح الاختلاف في طريقة الكتابة:
إن أردنا كتابة رواية معتمدة على الحبكة تحكي حكاية سجين فسوف تتحدث بشكل أساسي عن خطة السجين للهرب من الزنزانة. وقد تتناول مفهوم الحرية أو الظلم. وتنتهي الرواية إما بهروب السجين، أو مقتله، أو إنهاء فترة سجنه دون هربه، أو أي نهاية أخرى يحددها الكاتب.
ولكن إذا أخذنا نفس الحكاية وأردنا روايتها معتمدين على الشخصيات لا الحبكة فسوف تتحدث الرواية عن نوع المعيشة الذي يقاسيها السجين داخل زنزانته، والأفكار التي تدور في رأسه، ومواقفه وصداقاته مع زملائه السجناء، وربما تنتاول ماضي السجين بشكل مكثف وتذكر لنا جميع الأسباب التي أوصلته لهذه الزنزانة بادئة بنشأته. النهاية هنا لا تهمنا كثيرًا ولن توجد محطة نهائية نصلها، بل هي رحلة في داخل رأس السجين وحسب.
نصائح عامة عند الكتابة:
والآن بعد أن عرفنا الفرق بينهما وأجبنا على السؤال الذي طرحناه، إليكم بعض النصائح العامة التي تضعونها في الحسبان عندما تريدون استخدام أحدهما:
أولًا: القصة التي تعتمد على الحبكة:
1- ركز على المؤثرات الخارجية التي تؤثر على القصة واجعلها ما يحرك القصة، لا المؤثرات الداخلية للشخصية.
2- ابني الحبكة مسبقًا: خطط قبل الكتابة وحاول بناء قصة محكمة منطقية حتى وإن لم تكن الخطة مكتوبة على الورق. هذا النوع من الروايات يستدعي منك استباق الأحداث ومعرفة ما ستؤول إليه القصة حتى تظهر بشكل صحيح ولا تبدو وليدة اللحظة أو مليئة بالتناقضات.
3- حدد المفهوم الأساسي للقصة: يكون المفهوم في هذا النوع من الروايات واضحًا منذ البداية، مثل الصراع بين الخير والشر حتى ينتصر أحدهما، أو وجهة معينة نصلها، أو الامساك بمجرم خطير وزجه في السجن. على عكس القصص التي تسيرها الحبكة فإن القصص التي تعتمد على الشخصيات تمثل تخبط الشخصية الرئيسية، وتكون عشوائية ومفهومها الرئيسي غير محدد، أو منثور بين السطور بشكل غير واضح.
4- اكسر التوقعات: اجعل الأحداث غير متوقعة وفاجئ القارئ، فكما قلنا إن الحبكة هي أساس القصة، وهي الشيء المثير للاهتمام في الرواية فاجعلها مثيرة.
ثانيًا: القصة التي تعتمد على الشخصيات:
1- اجعل الشخصية غنية وعميقة: عرف القراء بها جيدًا وبماضيها ونشأتها. اجعل القارئ يفهم كيف انتهى بها الحال في هذا المكان بهذه الشخصية وهذا التفكير. تحدث عن القرارات التي اتخذتها والبصيرة التي تمتلكها. كما قلنا فإن الشخصية كل القصة لذلك على القارئ أن يتفهمها ويفهم من أين أتت وما أهمية ما يحدث بالنسبة لها. فإن لم يهتم القارئ بها فلن يهتم باكمال قراءة القصة.
2- ركز على المؤثرات الداخلية: وهذا على عكس الروايات التي تعتمد على الحبكة. ما بداخل الشخصية هو ما يحرك القصة وليس المؤثرات الخارجية.
3- ركز على تقوية وجهة النظر: وجهة نظر قوية تروي القصة من زاويتها مهمة للغاية. ما فائدة رواية تعتمد على الشخصيات دون رؤية واضحة للعالم من وجهة نظرها. للمزيد عن وجهات النظر في الكتابة الروائية اطلع على (وجهات النظر في الكتابة الروائية).
كان هذا المقال عن الفرق بين الحبكة والشخصيات في تحريك القصة. نتمنى أن يكون المقال قد نال إعجابكم.
اتركوا لنا التعليقات بالأسفل وشاركوا المقال مع أصدقاءكم الكتاب واشتركوا معنا لكي لا يفوتكم أي مقال جديد.