السر وراء أكثر الكتب مبيعًا
بين الحين والآخر يصدر كتاب ويكتسح المكاتب، يتحدث الناس عنه في كل مكان ويهرعون لشراءه وقراءته.
ومن الناحية الأخرى تجد من يوجه النقد للكتاب ويتعجب من حصوله على كل هذه الشهرة، وهو غالبًا ينتمي إلى فئة القراء الذين لم يعتادوا على قراءة هذا النوع من الكتب.
ولكن ما الذي يجعل بعض الكتب من الأكثر طلبًا ومبيعًا بينما ترقد أكوام من الكتب الجيدة في المخازن دون بيع؟
في الحقيقة إن أفضل الكتب مبيعًا – في معظم الأحيان– لا تلقى شهرتها بسبب جودتها، وسنتحدث في هذا المقال عن بعض العوامل والأسباب التي تجعل الكتب من الأكثر مبيعًا.

ما السر وراء أكثر الكتب مبيعًا؟
توجد عوامل متعلقة بنوعية الكتاب ومحتواه، وأخرى تتعلق بمعايير الجهات المسؤولة عن تصنيف الكتب.
أولًا: المعايير المتعلقة بنوعية الكتاب ومحتواه:
1- شهرة المؤلف:
شهرة المؤلف تلعب دورًا كبيرًا في صيت الكتاب، سواء كان الكاتب ممثلًا، أو فنانًا، أو مغنيًا، أو أحد مشاهير التواصل الاجتماعي. إن هؤلاء المشاهير يمتلكون جمهورًا يتابعهم ومعجب بأعمالهم وأفعالهم لذلك ما أن يصدر له كتاب حتى يسارع معجبوه بشراء الكتاب حتى وإن لم يكونوا من هواة الكتب والقراءة.
إن أراد كاتب غير معروف أن يلفت الانتباه إليه فإن عليه أن يبذل جهدًا كبيرًا في التسويق على عكس المشهور تمامًا.
2- موضوع الكتاب:
الموضوع المناسب الذي يخرج في الوقت المناسب قد يأتي صدفة أو من حدس الكاتب، في كلا الحالتين فإن الموضوع الذي يلامس نقطة ثقافية حساسة لدى المجتمع أو يتناول حل مشكلة شائعة في المجتمع سيلفت انتباه الكثيرين، بالإضافة إلى الكتب المثيرة للجدل.
مثال على ذلك هو كتاب لا تحزن، وهو كتاب يتناول الحزن ويعالجه من منظور ديني، في الوقت الذي صدر فيه كان هو ما احتاجه الناس، وهذا ما جعله من أكثر الكتب مبيعًا.
3- اللغة المستخدمة:
لو فحصنا الكتب الأكثر مبيعًا سنجد أنها لم تكتب بلغة فصيحة للغاية، وليست من الروائع الأدبية الحديثة، بل تكون في أغلب الأحيان بسيطة اللغة وسهلة التناول والقراءة.
يرتبط بها القارئ لكثرة ما تحتويه من القصص وضرب الأمثال، وما أن ينتهي منها حتى يبحث عن كتب تشابهها في أسلوب الطرح، ولذلك نجد أن فئة واحدة من القراء – وهي التي تشتري هذا النوع من الكتب – تمثل الزبائن لأغلبية الكتب الأكثر مبيعًا.
4- كتب غير مختصة:
ما يجعل الكتاب يتصدر قائمة الكتب الأكثر مبيعًا هم عامة الشعب لا ذوي الاختصاص، ولذلك نجد الكتاب يخاطب بصياغته ولغته المبسطة غير المختصين بالمجال.
لن تجد طلاب التخصص يلهثون وراء هذه الكتب ولا دراستها والاطلاع عليها، بل هي موجهة لعامة الشعب الذين يعانون من مشاكل معينة ولم يجدوا لها حلًا.
هذه الكتب لا تُقرأ للثقافة وحفظ الاشعار والحكم واستذكار القوانين، بل تُقرأ لأنها تلامس مشاكل المجتمع وتتناولها.
5- تتناول فضائحًا وتكشف أسرارًا:
تلقى الكتب التي تتناول فضائح المشاهير والسياسيين رواجًا كبيرًا، وهذا يعود لميل البشر الفطري في التلذذ بالاشاعات والنكت وإذاعة الأسرار. ويأتي هذا النوع من الكتب ليجيب على هذه الرغبات.
ثانيًا: الأسباب المتعلقة بمعايير الجهات المسؤولة عن تصنيف الكتب:
توجد جهات عدة تتحكم بقائمة الأكثر مبيعًا، منها متجر أمازون للكتب، وقائمة نيويورك للكتب الأفضل مبيعًا، ومكاتب جرير، وما إلى ذلك. ولكل من هؤلاء معاييره الخاصة في الاختيار.
تطلق قائمة نيويورك لقب "الأفضل مبيعًا" على الكتب التي تُباع منها آلاف النسخ خلال فترة قصيرة من نشرها حتى وإن توقف الناس عن شراءها بعد ذلك. ويمكن لكتب أخرى أن يُباع منها نفس العدد ولكن على مدى سنة كاملة ولا يُطلق عليها لقب "الأفضل مبيعًا".
أما قائمة أمازون للأفضل مبيعًا فهي تُحدَّث كل عدة ساعات حسب النسخ التي تُباع خلال تلك الفترة، حتى وإن كان مصدر الشراء هم أصدقاؤك الذين طلبت منهم شراء نسخة في نفس الوقت معًا.
وفي الختام نود التنبيه على أن الكتب في زمننا هذا قد أصبحت تجارة، وتندرج قوائم الأكثر مبيعًا تحت التسويق ونسق استجابة البائع للمنتج، ولا تعبر بالضرورة عن الثقافة والفكر والأدب. والثقافة والتجارة مجالين مختلفين ولا يصح دمجهما معًا.
نتمنى أن يكون المقال قد أعجبكم وإن كان لديكم أي تعليقات أو أسئلة اتركوها لنا بالأسفل.